الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة "ليو روخاس": عازف الفلوت الذي حوّل الموسيقى الى وحي مقدس أخذ جمهور قرطاج الى رحلة نحو الإنسانية دون "تأشيرة ولا جواز سفر"

نشر في  28 أوت 2019  (14:23)

" نحن جميعًا زائرون لهذا الوقت، هذا المكان.. نحن نمر فقط.. هدفنا هنا هو أن نلاحظ ونتعلم وننمو ونحب..  ثم نعود إلى الوطن".

 هكذا تقول أحد الأمثلة التي أطلقها السكان الأصليون لأمريكا وهكذا جسّد  الفنان العالمي ليو روخاس هذه المقولة وهو أحد الهنود الأميركيين الأصليين الحقيقيين، جسّدها من خلال سهرة أثثها على ركح مسرح قرطاج الدولي مساء الاثنين 26 أوت 2019 فعكست نبض قلبه الذي يصدح موسيقى سحرت كل الحاضرين ورحلت بهم  في زيارة حالمة نحو أزمنة سرمدية لا وجود فيها  إلّا لجمال الطبيعة ولصفائها الروحي  ودفئها الحسيّ الطاهر.

 في تلك السهرة الاستثنائية لثم عازف آلتي الفلوت والبان الفلوت بموسيقاه المنسابة عشقا، وجه أمّنا الأرض التي باتت تصرخ وجعا من قهر أصابها وأصابنا، ونفخ في سمائها نسمات روحية عطّرت عبق الزمان المعتّق فأخذتنا إلى زمان ليس بزماننا لكن خلنا لوهلة أنه زماننا ورحلت بنا إلى مكان بعيد عن السواد الكائن في واقعنا صباحا ومساء..

 لقد نجح ليو روخاس منذ الثواني الأولى لانطلاق سهرته الفنية في ترويض الجمهور وأخذه من خلال مقطوعات موسيقية  إلى رحلة روحية سمعية حسية أين تسكن في أعماقها الطبيعة بكل مقوّماتها وأين تنحدر جذوره وهويته المتماهية مع الحياة والجنون والاندفاع...

  دون أن ننسى ما أضافته الفرقة الموسيقية التي رافقته المتكونة من أربع عازفين على آلات الغيتار إلكتريك، الباتري إلكتريك والكلافيي، ما أضافته من سحر فني على المقطوعات الموسيقية التي دمجت بين نفس الفلوت الهادئ وجنون روح الموسيقى الالكترونية خالقة موصولات فنية بكت طورا وجع الطبيعة والأمازون المحروق وناجت طورا آخر وجداننا ومشاعرنا وضمائرنا.  

 "أصوات أجدادي الأمريكيين الأصليين، يتحدثون إليك، من خلال موسيقاي. إنها بوابة أرواح الأزمنة الماضية. "

 هكذا أراد ليو روخاس أن تكون موسيقاه عاكسة لإحدى رسالاته التي أراد من خلالها بعث جذوره الاصلية من جديد ليكون شاهدا على الزمن حاملا الضوء في عوالم مظلمة وحاملا الصفاء والأمل في عوالم مشوهة يائسة.

 ومن بين المقطوعات الموسيقية التي عزفها روخاس صحبة فرقته:

   the last Mohican/ Matsuri/ el condor pasa/ circle of live/ water of live/ Der einsame Hirte/Celeste

هذا كما رافق ليو روخاس على ركح مسرح قرطاج الفنان الالماني "سلفيو دانزا" الذي أدى باحترافية كبيرة بعض الأغاني من بينها أغنية لأندريا بوتشيلي وأغنية شهيرة من الفلكلور الايطالي "بيلا تشاو" فضلا عن آدائهما معا احد الأغاني الرومانسية.

 في الختام كانت الموسيقى في عرض  ليو روخاس الاكوادوري عنوانا لحلم جميل تمنينا أن لا نستفيق منه، حلم كان مطية للجمال والسحر السرمدي الذي لا ينضب... موسيقى عزفت ألحانا إلهية على وتر أرواحنا المسكونة بما نعيشه من هواجس تؤرقنا.. كانت كوحي مقدّس ورحلة نحو الإنسانية دون  تأشيرة ولا جواز سفر.

منارة تليجاني